شرح الدورة الاقتصادية

سنتحدّث في مقالة اليوم، عن الدورة الاقتصادية أو ما يُعرّف بــ  Economic Cycle باعتبارها أمر هام لأي متداول مهتم بالتحليل الأساسي للأسواق المالية، والسياسات النقدية لبلدان العالم، فهي نبض الاقتصاد، حيث أنها تصفّ مايحدّث في اقتصاد أي دولة بطريقة سهلة وسلسة…

ما هي الدورة الاقتصادية

مثلما تتغير الطبيعة والطقس،  يمر الاقتصاد بأوقات من النمو والانكماش. تُعرف هذه الفترات بالدورة الاقتصادية، أو دورة الأعمال Business Cycle ويمكن تحديد الاتجاهات أو التغيرات في الدورة من خلال تحليل المؤشرات الاقتصادية، مثل الناتج المحلي الإجمالي، وأرقام التوظيف، و بدايات الإسكان، والإنفاق الاستهلاكي.

ما أهمية فهم الدورة الاقتصادية

 فهم المرحلة التي يمر بها الاقتصاد يمكن أن يوفر فرصة للمستثمرين والمتداولين، الذين غالبا ما يكتشفون الاتجاهات، أو يتنبؤنها على المدى الطويل إلى المتوسط، و يحققون الأرباح نتيجة لذلك.

ما هي المراحل الأربع للدورة الاقتصادية

بشكل عام، يميل الاقتصاديون إلى تقسيم الدورة الاقتصادية إلى أربع مراحل أساسية: وهى على النحو التالي التوسع، والذروة، والانكماش، والقاع: 

• التوسع Expansion

عندما يواجه الاقتصاد فترة من التوسع، ويكون هناك نمو وازدهار. يقوم البنوك المركزية، مثل بنك الاحتياطي الفيدرالي، أوالبنك المركزي الأوروبي، بتخفيف السياسة النقدية، وهذا يعني ببساطة: خفض أسعار الفائدة.

وخلال المرحلة التوسعية في الدورة الاقتصادية، يكون من الأسهل على المستهلكين والشركات الحصول على القروض.، ويزداد الإنتاج، وينمو الناتج المحلي الإجمالي GDP. ويشعر المستهلكون بالإيجابية ويكونون أكثر استعدادًا للإنفاق على المشتريات باهظة الثمن مثل المنازل والسيارات، ويتمنى الناس أن تستمر هذه المرحلة لفترة أكبر. 

• الذروة Peak

يصل الاقتصاد إلى ذروته أو ينمو بطريقة كبيرة، وعندما يصل النمو إلى أقصى نقطة له. فإن المؤشرات الاقتصادية التي كانت تشير إلى التوسع قد تصل الآن إلى مرحلة الاستقرار. وتتميز هذه الفترة أيضًا بارتفاع مستويات التضخم، وهو ما يجب معالجته بسرعة. وتشير الذروة إلى نقطة عالية وكذلك بداية تحول أو تغيير في الاتجاه الاقتصادي، لأن ما يرتفع لا بد أن ينخفض.

• الانكماش Recession

وبعد الذروة يأتي الانخفاض. عندما يكون الاقتصاد في مرحلة الانكماش في الدورة الاقتصادية، يتباطأ النمو. وتُعرف أيضًا بفترة انكماش النشاط الاقتصادي، وإذا كانت شديدة، تُسمى بالركود.

وقام الاقتصادي يوليوس شيسكين بتعميم تعريف الركود: على أنه ربعين متتاليين من نمو الناتج المحلي الإجمالي السلبي، ولكن هذا ليس العامل الوحيد الذي يستخدمه الاقتصاديون. 

وفي الواقع، فإن المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية NBER، والذي يعتبر السلطة الرائدة في دورات الأعمال في الولايات المتحدة، لديه تعريف أكثر دقة؛ فإن فترات الركود هي: فترة متكررة من الانخفاض في إجمالي الناتج والدخل وتشغيل العمالة والتجارة، وتستمر عادة من ستة أشهر إلى عام، وتتميز بانكماشات واسعة النطاق في العديد من قطاعات الاقتصاد.

• القاع Trough

عندما يصل الاقتصاد إلى أدنى مستوياته عكس الذروة، يكون قد وصل إلى أدنى نقطة له قبل أن يبدأ في الارتفاع مرة أخرى. وبين القاع والذروة، سيدخل الاقتصاد في وضع التوسع، وبالتالي ستتكرر الدورة الاقتصادية، وهكذا.. 

كيف يتم قياس الدورات الاقتصادية

ينظر الاقتصاديون إلى كل من المؤشرات للمساعدة في تحديد مكان الاقتصاد في دورة أعماله. وكثيرًا ما يتم النظر في: أرقام الناتج المحلي الإجمالي المتزايدة إلى التوسع، في حين أن ارتفاع أرقام البطالة، أو ارتفاع التضخم، أو انخفاض مستويات ثقة المستهلك يمكن أن تشير إلى الانكماش.

وغالباً ما يتصرف بنك الاحتياطي الفيدرالي على سبيل المثال:  بناءً على مراحل الدورة الاقتصادية؛ لأن تصرفاته يمكن أن تؤدي إلى تضخيم تأثيرات مرحلة معينة، ولذلك أول ما ينظر له هو المؤشرات الاقتصادية: 

 على سبيل المثال، ذكر بنك الاحتياطي الفيدرالي في كثير من الأحيان أن مؤشر التضخم المفضل لديه هو مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي PCE ، حيث أن ارتفاع الأسعار يؤدي إلى انكماش الاقتصاد.

وعندما يكون معدل نفقات الاستهلاك الشخصي في ارتفاع، يميل بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى مكافحة القوى التضخمية من خلال رفع أسعار الفائدة، مما يزيد من صعوبة حصول المستهلكين والشركات على القروض لأن تكلفة الاقتراض أعلى.

وهذا يضيف المزيد من الضعف لمستويات ثقة المستهلك، وبالتالي يدفع الاقتصاد إلى مزيد من الانكماش.

ما هي مدة الدورة الاقتصادية

لا يوجد إطار زمني محدد للمراحل المختلفة للدورة الاقتصادية، على الرغم من أن المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية نفسه يصنف الفترة التوسعية على أنها الفترة العادية للاقتصاد. وتستمر فترات الركود عادةً ما بين 12 و14 شهرًا، وهي فترة لا تقترب من فترة التوسع.

 مثال: تميل الأسواق الصاعدة أيضًا إلى الاستمرار لفترة أطول. حيث؛ استمرت أطول سوق صاعدة في تاريخ سوق الأسهم لأكثر من 10 سنوات، من مارس 2009 إلى مارس 2020.

اقرأ أيضًا: ما هو التحليل الأساسي؟ وما دوره في التداول؟

أين يقع الاقتصاد الأمريكي من الدورة الاقتصادية في الوقت الحالي

يتفق الجميع تقريبًا على أن الاقتصاد الأمريكي كان في حالة انكماش في عامي 2022 و2023، ويرى الكثيرون أننا في حالة ركود. 

حيث كان هناك ربعين متتاليين من انخفاض الناتج المحلي الإجمالي في النصف الأول من عام 2022. وسجلت الشركات خسائر ربع سنوية، وأعلنت العديد من الشركات الكبرى عن تسريح العمال، وتوقف سوق الإسكان، وكذلك؛ رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة أكثر من مرة لاحتواء الموقف، وأسواق الأسهم في منطقة السوق الهابطة بقوة.

وفي الآونة الأخيرة حدّث تحوّل كبير في أروقة الولايات المتحدة الأمريكية – نظرًا لمرونة الاقتصاد الأمريكي، ويرى عدد كبير من المستثمرين احتمالًا متزايدًا للهبوط الناعم في عام 2024  – حيث يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم دون التسبب في الركود. 

انفوجراف – ما توقعات احتمالية الركود في الولايات المتحدة (خلال الأشهر الـ 12 المقبلة)!

ما الذي يسبب الركود؟

إذا شاهدت الاقتصاديين على شبكات الأخبار الاقتصادية، فسوف تسمعهم في بعض الأحيان يقولون إن النمو أصبح مبالغًا فيه، أو أننا في المراحل المتأخرة من التوسع.

وعلى الرغم من أنه قد يكون لديهم أسباب لتوقع انتهاء التوسع، إلا أننا يجب النظر إليه على أنه من الطبيعي أن يحدث ذلك، (مثل مشاهدة الفاكهة تبدأ في الفساد لذلك عليك التخلص منها قريبًا).

لكن هذه ليست الطريقة التي تعمل بها التوسعات الاقتصادية. في الواقع، تشير النظرية الاقتصادية إلى أنه لا يوجد سبب لحدوث الدورات الاقتصادية أو الركود، حيث أن الحالة الطبيعية للاقتصاد هي التوسع – والنمو الإيجابي. ولا يخرج الاقتصاد عن اتجاه نموه الطبيعي إلا عندما تخرجه صدمة اقتصادية عن المسار الصحيح. 

كيف تبدو فترات الركود؟

وبينما تبدأ جميع حالات الركود بصدمة، فإن كل ركود يختلف عن الآخر، ولذلك جمعنا لكم هنا أهم الخصائص لحالات الركود: 

• حدوث صدمة سلبية مثل الأزمة المالية العالمية، والتوترات الجيوسياسية، وكورونا. 

• تقوم الشركات بتخفيض الإنفاق الاستثماري على الآلات والمعدات والمصانع الجديدة ومباني المكاتب الجديدة، وتبدأ حالات الركود؛ بانخفاض الإنفاق الاستثماري للشركات، وهو العنصر الأكثر تقلبًا في الناتج المحلي الإجمالي لأن الشركات يمكنها تأجيل هذا النوع من الإنفاق.

• انخفاض الاستثمار في الأعمال التجارية، مما يؤثر على التوظيف والطلب على المدخلات، ويقلل المستهلكون من إنفاقهم على المنازل الجديدة والسلع المعمرة مثل الأثاث والأجهزة المنزلية والسيارات.

• مع انخفاض الإنفاق، تشهد الشركات التي تنتج هذه المنتجات انخفاضًا في المبيعات وزيادة في المخزون، وخفض مستويات الإنتاج وتسريح بعض العمال.

• يؤدي ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض الأرباح إلى مزيد من الانخفاض في الإنفاق.

• في نهاية المطاف، ستنتهي الانخفاضات، حيث يقوم المستهلكون والشركات بتقليل الديون وزيادة قدرتهم على الإنفاق، مع قيام المنتجين بخفض أسعارهم لتقليل المخزون.

• وانخفاض أسعار الفائدة وأسعار الموارد يجعل الاستثمار والإنفاق أكثر جاذبية.

• وتستفيد الشركات من انخفاض أسعار الفائدة وأسعار الموارد من خلال زيادة الإنفاق الاستثماري على السلع الرأسمالية أثناء توقعها للتوسع التالي.

• يستفيد المستهلكون من انخفاض أسعار الفائدة عن طريق الاقتراض للإنفاق على المنازل الجديدة والسلع المعمرة.

• يؤدي الطلب المتزايد على المنتجات والخدمات إلى زيادة فرص العمل والدخل، وترتفع مستويات الإنفاق الاستهلاكي.

• مع زيادة الإنفاق الاستهلاكي، تزيد الشركات من الإنتاج والتوظيف.

• ثم انتهاء الركود، وبدء التوسع التالي.

الأسئلة المكررة عن الدورة الاقتصادية