برز الذكاء الاصطناعي كعنصر محوري في تغيير قواعد اللعبة داخل الأسواق المالية، حيث لم يعد التداول يعتمد فقط على الحدس البشري والتحليل اليدوي، بل دخلت الخوارزميات الذكية لتلعب دورًا رئيسيًا في اتخاذ قرارات استثمارية دقيقة وفعالة. يتيح تداول الذكاء الاصطناعي للمستثمرين استخدام أدوات متقدمة لتحليل البيانات الضخمة والتنبؤ بحركات السوق بشكل فوري، ما يوفر فرصًا أعلى للربح ويقلل من الأخطاء الناتجة عن العاطفة أو التسرع. في هذا المقال، نستعرض مفهوم تداول الذكاء الاصطناعي، آلية عمله، أبرز فوائده ومخاطره، وكيفية الاستفادة منه في إدارة المحافظ المالية، مع التركيز على واقع استخدامه في السوق السعودي.
تداول الذكاء الاصطناعي هو توظيف تقنيات مثل التعلم الآلي و الخوارزميات الذكية لتحليل الأسواق المالية واتخاذ قرارات البيع والشراء بشكل يحاكي الذكاء البشري، بهدف تحسين كفاءة التداول وتقليل التحيزات عبر تحليل البيانات الضخمة والتنبؤ بحركات السوق وتنفيذ الصفقات آليًا بدقة.
الفرق بين التداول التقليدي وتداول الذكاء الاصطناعي يكمن في آلية اتخاذ القرار؛ فالأول يعتمد على التحليل اليدوي البطيء والمعرض للأخطاء، بينما يستخدم الثاني خوارزميات ذكية تتعلم من البيانات وتُحدّث قراراتها بسرعة ودقة، ما يجعله أكثر كفاءة في معالجة كميات كبيرة من المعلومات.
بدأ استخدام الذكاء الاصطناعي في الأسواق المالية بخوارزميات بسيطة في التسعينات، لكنه شهد تطورًا كبيرًا في العقد الأخير بفضل الحوسبة والتعلم العميق، مما جعله قادرًا على التنبؤ بالتقلبات، وإدارة المحافظ، وتنفيذ استراتيجيات معقدة بسرعة فائقة.
و بحسب تقارير عالمية حديثة، أن سوق الذكاء الاصطناعي في التداول المالي تجاوز 18.2 مليار دولار عام 2023، مع توقع نمو سنوي يفوق 20%، ما يعكس اعتمادًا متزايدًا من المؤسسات المالية لتحقيق أرباح وتقليل المخاطر.
يعتمد التداول بالذكاء الاصطناعي على استخدام خوارزميات متقدمة لتحليل البيانات الضخمة واتخاذ قرارات استثمارية بسرعة ودقة تفوق قدرة البشر. و من أبرز هذه الخوارزميات التعلم الآلي Machine Learning و التعلم العميق Deep Learning، حيث تقوم الخوارزميات بالتعلّم من البيانات السابقة مثل تحركات الأسعار، و أحجام التداول، و الأخبار الإقتصادية للتنبؤ بالاتجاهات المستقبلية واتخاذ قرارات شراء أو بيع.
تبدأ العملية بجمع بيانات ضخمة من الأسواق مثل الأسعار اللحظية والتقارير والأخبار، ثم تُغذّى إلى نماذج ذكاء اصطناعي مدرّبة على تحليل السوق واكتشاف الأنماط. ومع الوقت، تتحسن دقة هذه النماذج بفضل تقنيات التعلم العميق التي تحاكي تفكير الإنسان. و من أشهر الأنظمة المستخدمة اليوم:
يستخدم الذكاء الاصطناعي في المحافظ الاستثمارية على نطاق واسع يشمل طرق مختلفة يمكن من خلالها استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لإدارة المحفظة الاستثمارية ومن أبرز هذه الطرق:
أصبح اختيار الأسهم بالذكاء الاصطناعي أداة متقدمة يعتمد عليها المستثمرون لاتخاذ قرارات ذكية وسريعة، إذ تحلل هذه الأنظمة كميات ضخمة من البيانات مثل تحركات الأسعار، حجم التداول، الأخبار والتقارير المالية، لاكتشاف أنماط قد تغيب عن المحللين التقليديين.
و من معايير الذكاء الاصطناعي في التداول مقارنة الأداء التاريخي، رصد تقلبات السوق، تقييم المؤشرات الفنية، وتحليل مشاعر السوق عبر الأخبار ووسائل التواصل، مما يساعد في اكتشاف الفرص الاستثمارية وتوقع تحركات السوق.
تفوقت هذه الأنظمة أحيانًا على الأساليب التقليدية بفضل سرعتها في تحليل البيانات الضخمة، لكن دقتها تظل مرتبطة بجودة البيانات والخوارزميات. وقد ساهم تطور تقنيات مثل التعلم العميق في تعزيز قدرتها على التكيف مع تقلبات السوق.
المحافظ الآلية أو Robo Advisors هي أنظمة استثمار رقمية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لإدارة الأصول تلقائيًا دون تدخل بشري مباشر، وتوفّر حلولًا ذكية ومبسطة للمستثمرين الأفراد، خاصة من يفتقرون للخبرة أو الوقت لمتابعة الأسواق.
تعتمد هذه الأنظمة على خوارزميات متقدمة لتحليل البيانات وتحديد أفضل استراتيجيات الاستثمار بناءً على أهداف المستخدم ومستوى تقبله للمخاطر، وتقوم بإدارة المحفظة تلقائيًا عبر توزيع الأصول وتعديلها وفق تحركات السوق.
يعزز الذكاء الاصطناعي كفاءة المحافظ الاستثمارية عبر تحليل بيانات ضخمة والتنبؤ باتجاهات السوق بدقة وسرعة، ما يجعلها خيارًا مثاليًا لمن يبحث عن استثمار منخفض التكلفة وشفاف قائم على تحليلات علمية، خاصة في الأسواق المتقلبة بالعالم العربي والخليج.
أصبح الذكاء الاصطناعي أداة فعالة في التداول، حيث يحدد بدقة وسرعة نقاط الدخول والخروج عبر تحليل بيانات لحظية ضخمة كتحركات الأسعار والأخبار وأنماط السوق لتقديم توصيات ذكية.
يساعد الذكاء الاصطناعي في إدارة المخاطر من خلال توقع تحركات السوق المفاجئة وتقديم تنبيهات فورية، كما يحدد حجم الصفقة المناسب وفقًا لدرجة المخاطرة المقبولة، مما يعزز أمان واستقرار التداول.
يُسهم الذكاء الاصطناعي في تحسين جودة قرارات التداول من خلال الاستفادة من السرعة في التحليل والدقة في التنبؤ، وهو ما يمنح المتداولين في الأسواق المالية ميزة تنافسية واضحة.
لنجيب على هذا التساؤل نقسمه لشقين أساسيين وهما:
في المملكة العربية السعودية، يمكن للمستثمرين الأفراد الاستثمار في شركات الذكاء الاصطناعي وشراء أسهمها مثل شركة OpenAI التي صدرت لنا برنامج الذكاء الاصطناعي ChatGPT عبر عدة وسطاء ومنصات تداول مرخصة. من أبرز هذه المنصات الراجحي المالية، الأهلي كابيتال، ودراية المالية، حيث تتيح هذه الجهات فتح حسابات استثمارية للوصول إلى الأسواق العالمية، مثل سوق الأسهم الأمريكي.
بالإضافة إلى ذلك، توجد طريقة بديلة وهي صناديق الاستثمار المتداولة ETFs، وهي أدوات مالية تجمع عدداً من الشركات ضمن قطاع معين، مثل الذكاء الاصطناعي.
ومن أبرز هذه الصناديق Global X Robotics & Artificial Intelligence ETF والذي يرمز له بالرمز BOTZ و صندوق iShares Robotics and Artificial Intelligence ETF والذي يرمز له بالرمز IRBO، والتي تشمل شركات تقنية عالمية ناشطة في هذا المجال. يمكن للمستثمرين السعوديين الوصول لهذه الصناديق من خلال الوسطاء المحليين.
في السعودية، يزداد الاهتمام بالتداول الإلكتروني، وبدأت بعض الشركات والمواقع تروج لفكرة التداول باستخدام الذكاء الاصطناعي كوسيلة سهلة وسريعة لتحقيق أرباح ضخمة. لكن في الواقع، لا يوجد حالياً في السوق السعودي أي جهة مرخصة أو موثوقة تقدم خدمات تداول تعمل بالذكاء الاصطناعي بشكل مباشر ومضمون.
ما يتم الترويج له عادةً عبر الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي يكون في الغالب من خلال شركات أو جهات مشبوهة وغير مرخصة، تستغل جهل بعض المستثمرين أو رغبتهم في الربح السريع.
هذه الشركات توهم المستخدمين بأن هناك أنظمة ذكية تقوم بالتداول تلقائياً وتحقق أرباحاً مضمونة، وهذا غير صحيح ومخالف للواقع. و هيئة السوق المالية في السعودية تحذر بشكل مستمر من التعامل مع هذه الكيانات، وتؤكد أن أي منصة تداول يجب أن تكون مرخصة وموثوقة.
فيما يلي قائمة مُنظمة وشاملة بفوائد ومخاطر استخدام روبوتات التداول المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مع أمثلة واقعية واقتراحات لتقليل المخاطر:
لتقليل المخاطر المرتبطة باستخدام هذه الروبوتات يمكن اتباع بعض الخطوات التي تتمثل في:
19 يناير, 2025
11 يونيو, 2025
31 يناير, 2025